المعادن الحيوية في إفريقيا.. محط أنظار واشنطن

  • 2025-03-10 08:13:24

تشهد القارة الإفريقية تنافساً متزايداً بين القوى الكبرى على الموارد الطبيعية، وفي مقدمتها المعادن الحيوية التي تُعد أساسية للصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.

ومن هذا المنطلق، تأتي المحادثات الاستكشافية بين الولايات المتحدة وجمهورية الكونغو الديمقراطية حول صفقة معدنية، لتكشف عن أبعاد أوسع تتجاوز المصالح الاقتصادية إلى اعتبارات جيوسياسية واستراتيجية كبرى في وقت تواجه فيه الكونغو الديمقراطية ضغوط سياسية وميدانية بسبب التوتر مع حركة M23 وأيضا مع بعض دول الجوار الداعمة للحركة سواء رواندا او أغندا أو غيرهم.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن أن:

الولايات المتحدة الأميركية تُجري نقاشات استكشافية مع جمهورية الكونغو الديمقراطية بشأن صفقة محتملة تمنحها حق الوصول إلى المعادن الحيوية في الدولة الأفريقية.

هذه المباحثات وهي الأحدث في سلسلة من الجهود التي تبذلها إدارة ترامب لتأمين الوصول إلى الموارد في الخارج.

وفقا لوثائق عامة، اقتربت جمهورية الكونغو الديمقراطية - التي تمتلك إمدادات هائلة من النحاس والكوبالت واليورانيوم - من الولايات المتحدة الشهر الماضي بمقترح لعقد صفقة من شأنها أن تقدم حقوق التنقيب للولايات المتحدة مقابل دعم حكومة الرئيس فيليكس تشيسكيدي.

يأمل المسؤولون الكونغوليون أن تساهم صفقة المعادن في تعزيز الدعم لتشيسكيدي في الوقت الذي يواجه فيه صراعا مسلحا في الجزء الشرقي من البلاد، حيث استولى متمردو حركة إم23 المدعومة من رواندا المجاورة على مساحات شاسعة من الأراضي الغنية بالمعادن وأكبر مدينتين، جوما وبوكافو.

أصبحت المناقشات مع واشنطن أكثر جدية في الأيام الأخيرة، بحسب أشخاص على دراية مباشرة بالمناقشات، على الرغم من أن العديد من العقبات لا تزال قائمة وأنها لا تزال في مرحلة مبكرة نسبيا.

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، قوله: "تتمتع جمهورية الكونغو الديمقراطية بحصة كبيرة من المعادن المهمة في العالم والمطلوبة للتكنولوجيات المتقدمة.. والولايات المتحدة منفتحة على مناقشة الشراكات في هذا القطاع بما يتماشى مع أجندة إدارة ترامب (أميركا أولاً)".

كما أن "الشراكات مع الشركات الأميركية من شأنها أن تعزز اقتصادي الولايات المتحدة وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتخلق وظائف تتطلب مهارات أعلى، وتدمج البلاد في سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية".

وبحسب التقرير، فإنه في أواخر الشهر الماضي، اقترحت رسالة أرسلت إلى وزير الخارجية ماركو روبيو نيابة عن السيناتور الكونغولي بيير كاندا كالامبايي أن تمنح جمهورية الكونغو الديمقراطية شركات أميركية حقوق الاستخراج لمشاريع التعدين، والتعاون في تطوير مخزون استراتيجي من المعادن. وفي المقابل، يطلب الخطاب الدعم الأميركي لتدريب وتجهيز القوات المسلحة الكونغولية.

ورغم أن شروط الاتفاق لم يتم التوصل إليها بعد، فإن الاهتمام الذي أبدته الولايات المتحدة يؤكد تركيز إدارة ترامب على الحصول على إمكانية الوصول إلى الموارد في جميع أنحاء العالم.

طموحات ترامب

منذ توليه منصبه، اقترح الرئيس دونالد ترامب أن تسيطر الولايات المتحدة على غرينلاند، ودعا إلى إبرام صفقة معدنية مع أوكرانيا ، والتي من المتوقع التوقيع عليها قريبًا.

ويشير تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن زيادة مشاركة الولايات المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية من شأنها أن توفر ثقلاً موازناً لنفوذ الصين والشركات الصينية التي تسيطر على معظم عمليات التعدين الكبرى هناك.

وجاء في الرسالة المرسلة إلى روبيو: "بينما سيطرت الصين تاريخيًا على سلاسل توريد المعادن في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فإن التحول الأخير في السياسة من جانب الرئيس تشيسكيدي يقدم فرصة نادرة للولايات المتحدة لإنشاء سلسلة توريد مباشرة وأخلاقية".

ولم تعمل أي شركات تعدين أميركية كبرى في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ أن باعت شركة فريبورت-ماكموران حصتها في منجم النحاس تينكي فونجوروم في عام 2016.

وتجري محادثات صفقة المعادن في وقت أصبح فيه الوضع السياسي في البلاد هشاً على نحو متزايد. فقد بدت قبضة تشيسكيدي على السلطة أكثر اهتزازاً في الأسابيع الأخيرة مع سعي خصومه السياسيين في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الاستفادة من ضعفه المزعوم.

ونقلت الصحيفة عن المدير الإداري لشركة جي إس هيلد الاستشارية، إنديجو إليس، في إشارة إلى صفقة المعادن: "يبدو الأمر وكأنه عمل يائس.. إن الأفراد الذين قدموا هذا الاقتراح يبذلون قصارى جهدهم للتوصل إلى أشياء قد تروق للولايات المتحدة".

متعلقات