تقرير فرنسي حكومي يحذر من جماعة الاخوان المسلمين في فرنسا !
- 2025-05-21 08:01:36

أيجيس ( خاص) - باريس : صدر التقرير الفرنسي الذي يحذر من تهديد جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا في 21 مايو 2025، بعد أن قدمه مسؤولون حكوميون إلى الرئيس إيمانويل ماكرون خلال اجتماع أمني رفيع المستوى. وقد تم تكليف التقرير في مايو 2024، وأعده اثنان من كبار المسؤولين الفرنسيين، بهدف تقييم تأثير الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين على المجتمع الفرنسي.
يصف التقرير جماعة الإخوان المسلمين بأنها تشكل "تهديدًا للوحدة الوطنية" في فرنسا، مشيرًا إلى أنها تسعى إلى تقويض القيم العلمانية والمؤسسات الجمهورية من خلال استراتيجية طويلة الأمد وغير عنيفة. يركز التقرير على أنشطة الجماعة في المدارس والمساجد والمنظمات غير الحكومية، بهدف التأثير على السياسات المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الجنسين.
ردًا على نتائج التقرير، أمر الرئيس ماكرون الحكومة بوضع مقترحات لمواجهة هذا التهديد، مع تحديد اجتماع لمجلس الدفاع في أوائل يونيو لمناقشة الإجراءات المقترحة. على الرغم من أن التقرير لن يُنشر بالكامل، إلا أن بعض الإجراءات ستُعلن، بينما سيظل البعض الآخر سريًا.
من الجدير بالذكر أن التقرير يربط بين جمعية "مسلمو فرنسا" وجماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من نفي الجمعية لأي ارتباط بالجماعة. وقد أثار التقرير ردود فعل متباينة، حيث رحب به البعض كخطوة ضرورية لحماية القيم الجمهورية، بينما حذر آخرون من خطر وصم المجتمع المسلم بأكمله.
فرنسا في مرمى مشروع الإخوان: تغلغل صامت وتحدٍ للجمهورية
منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي، لم تتخلَّ جماعة الإخوان المسلمين عن طموحها السياسي العالمي، حتى وهي ترتدي في الغرب عباءة "العمل الاجتماعي" و"الدعوي". هذا ما يكشفه التقرير الفرنسي الصادر في 21 مايو 2025م ، والذي يُعد من أكثر الوثائق شمولاً في تفكيك بنية الإخوان، حضورهم في فرنسا، وتحولهم إلى فاعل ديني-سياسي ذي أهداف بعيدة المدى، تُمارَس بمنهجية صامتة واستراتيجية مرنة.
دائرة مغلقة وتأثير واسع
يرتكز التنظيم على "دائرة ضيقة" من النخبة الملتزمة، تمثل القيادة العقائدية العليا. لكن التأثير لا يقتصر على المنخرطين رسميًا، بل يشمل آلاف المتأثرين بالخطاب الإخواني، من أفراد وجمعيات وشبكات تعليمية وخيرية تتبنى – جزئيًا أو كليًا – مفاهيم الجماعة.
تياران جامعيان… وتحذير استخباراتي
يرصد التقرير انقسامًا فكريًا بين تيار أكاديمي يرى أن الجماعة تطورت وانفصلت عن بنيتها التاريخية، وتيار آخر يرى أن الإخوان ما زالوا يحتفظون بتركيبة هرمية منظمة، تتحرك خلف واجهات قانونية واجتماعية. ويعتمد التقرير الرؤية الثانية، محذرًا من “استراتيجية تغلغل ناعمة”، تستخدم خطاب الضحية والشرعية الدينية لتمرير مشروعها.
مرجعيات متجددة لأجندة قديمة
رغم مقتل حسن البنّا، بقيت أفكاره إلى جانب فكر سيد قطب المرجع الأساس للحركة، وتم نقل تلك الرؤى إلى السياق الأوروبي. المفاهيم مثل الحاكمية والشريعة والهوية الجماعية بقيت حية، وإن لبست خطابًا جديدًا يناسب دساتير أوروبا.
القرضاوي ورمضان... الواجهة الناعمة للفكر الصلب
• يوسف القرضاوي: برز كمجدد للفكر الإخواني من خلال "الوسطية" و"حقوق الأقليات"، لكنه لم يتردد في إطلاق فتاوى تتضمن عداءً صريحًا لليهود والغرب.
• طارق رمضان: حمل راية "الإسلام الأوروبي"، لكنه حافظ على خطاب محافظ يتماهى مع أيديولوجية الجماعة، خاصة في قضايا المرأة والتعددية الدينية.
فرنسا: من الدعوة إلى النفوذ
تُمثّل فرنسا نموذجًا فريدًا لتغلغل الإخوان، من خلال إنشاء اتحاد المنظمات الإسلامية (UOIF)، الذي تحوّل لاحقًا إلى "مسلمو فرنسا". الجماعة استطاعت أن ترسّخ وجودها في ميادين الدعوة والتعليم والسياسة المحلية، كما تمكّنت من التأثير في بعض البلديات والمجالس المحلية.
انفصالية ناعمة لا تقل خطورة
يُحذّر التقرير من أن خطر الإخوان لا يكمن في عنف مباشر، بل في تغلغل بطيء ومنهجي يهدف إلى إعادة تشكيل الوعي والشرعية. الجماعة تعتمد على التدرّج، والاندماج المؤسسي، لكنها تسعى في النهاية إلى تعديل قواعد اللعبة نفسها، خاصة في ما يخص علمانية الدولة.
الأبعاد القانونية للمواجهة
وفي مقارنة مع دول أوروبية أخرى، تشير الوثيقة إلى أن:
• بلجيكا عرّفت التطرف بأنه كل فكر سياسي أو ديني أو فلسفي يعارض الديمقراطية وحقوق الإنسان.
• المملكة المتحدة ركزت على "الأيديولوجيات القائمة على العنف والكراهية" حتى وإن لم تُقنَّن رسميًا.
• فرنسا عرّفت الانفصالية بأنها سعيٌ لتفكيك الأمة الوطنية بهدف استبدالها، لكن التقرير يرى أن هذا التعريف لا يلتقط الطابع الناعم والمخفي لمشروع الإخوان.
ويخلص إلى أن المشروع الإخواني، رغم اعتداله الظاهري، يشارك السلفيين وجماعة التبليغ بعض المحددات الخطرة، مثل النزعة المجتمعية الانعزالية والرفض الضمني لقيم الجمهورية.
ما بعد التقرير: ماذا على الدولة أن تفعل؟
يوصي التقرير بتبني استراتيجية مزدوجة:
• مواجهة حازمة على المستوى المحلي والمؤسساتي،
• وخطاب علماني متجدد يقدم بدائل إيجابية للمواطنين المسلمين، خصوصًا في مسائل التمويل، التكوين، وتمثيل الدين الإسلامي.
الخلاصة :
في معركة طويلة الأمد، لا تكمن خطورة الإخوان في السلاح، بل في الشرعية. مشروعهم لا يهدف إلى تدمير الدولة، بل إعادة تشكيلها من الداخل. وفي ذلك، تتفوق الجماعة على خصومها: فهي تتحرك ببطء، تخترق بصمت، وتبني على مدى عقود.
السؤال اليوم ليس: هل هم خطر؟
بل: هل تأخرت الدولة كثيرًا في تسميته؟